الطعن رقم ۱٤۰٤۸ لسنة ۹۲ ق باسم الشـعب

محكمــة النقــض

الدائرة المدنيـة

دائرة " الأحد " (أ) المدنية

ــــــــــــــــ

بــرئـــاســة الــسـيد الـقـاضـي / فـــــــــــــــــــــــراج عبــــــــــــــــــــــــاس     نـــــائــب رئــيس الــمــحــــكمـــــة

وعــضوية الـسـادة القـــضاة  د/ محمود عبد الفتاح محمـد  ، خالـــــد عــــــادل عبد اللطيــــف

د/ وليــــــــــــــــد عبد الســـــــــلام  و محمـــــد الذكـــــي سلامــــــــــــــة

"نــــــــواب رئيس المحكمـــة"

بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض / أحمد كمال.

وأمين السر السيـد / محمد أحمد عبد الله.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمحافظة القاهرة.

في يوم الأحد 28 من شوال سنة 1446 هـ الموافق 27 من أبريل سنة 2025م.

أصدرت الحكم الآتي :

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 14048 لسنة 92 ق.

والمرفوع مـن :

ورثة المرحوم/ ………… وهم:
١- …………

2- ………….

المقيمان بمشروع ناصر بحر البقر، حي الجنوب، محافظة بورسعيد.

لم يحضر أحد عن الطاعنين بالجلسة.

ضــــــــد

1- محافظ بورسعيد بصفته.

٢- رئيس حي الجنوب أول بصفته.

3- رئيس قطاع شركة القناة لتوزيع الكهرباء ببورسعيد بصفته.

4- رئيس مجلس إدارة شركة القناة لتوزيع الكهرباء بصفته.

حضرت عن المطعون ضدهما الأول والثاني المستشارة/ ……… – نائب الدولة.

" الوقائــــــــع "

       في يـوم 28/4/2022 طُعِـن بطريق النقـض في حكـم محكمـة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" الصـادر بتـاريخ 27/2/2022 فـي الاستئناف رقم 978 لسنة 62 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيـــــــه والإحالة، وفي اليوم ذاته أودع الطاعنان أربع حوافظ بمستنداتهما.

وفي 26/7/2022 أعلن المطعون ضده الثالث بصفته بصحيفة الطعن.

وفي 2/8/2022 أعلن المطعون ضده الرابع بصفته بصحيفة الطعن.

وفي 6/8/2022 أودع المطعون ضده الرابع بصفته مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.

ثم أودعت النيابة العامة مذكرتها وطلبت فيها أصليًّا: عدم جواز الطعن، واحتياطيًّا: نقض الحكم المطعون فيه.

وبجلسة 12/1/2025 عُرِض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت لنظره جلسة للمرافعة، وبجلسة 23/2/2025 سمعت الدعوى أمام هذه الدائـرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على كل ما جاء بمذكرتها، والمحكمة أصدرت حكمها بجلسة اليوم.

الـــمـــحـكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ …….. "نائب رئيس المحكمة"، والمرافعة، وبعد المداولة .

        حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وتتحصل وقائعه – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن الطاعنين أقاما على المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما الدعوى رقم 265 لسنة 2021 مدني كلي بورسعيد بطلب الحُكم بإلزامهما بأن يؤديا إليهما تعويضًا مناسبًا عمّا لحقهما من أضرارٍ ماديةٍ وأدبية وموروثة، وقالا بيانًا لدعواهما: إنه بتاريخ 9/12/2019 توفى نجلهما نتيجة صعق كهربائي من أحد أعمدة الكهرباء، وتَحرَّر عن ذلك المحضر الإداري رقم 977 لسنة 2020 إداري الجنوب أول، وإذ حاق بهما جراء ذلك الحادث أضرارٌ ماديةٌ وأدبيةٌ فضلًا عما يستحقانه من تعويض موروث؛ ومن ثم أقاما الدعوى. قام الطاعنان بإدخال المطعون ضدهما الثالث والرابع بصفتيهما خصمين في الدعوى. وبجلسة 26/10/2021 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدهما الثالث والرابع بصفتيهما بأن يؤديا للطاعنين مبلغ قدره مائة وخمسين ألف جنيه تعويضًا جابرًا للأضرار المادية والأدبية والموروثة التي لحقت بهما تُوزع بينهما حسب الفريضة الشرعية. استأنف المطعون ضده الرابع بصفته هذا الحُكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية استئناف بورسعيد" بالاستئناف رقم 978 لسنة 62 ق، وبتاريخ 27/2/2022 قضت المحكمة بإلغاء الحُكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة نوعيًّا بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة العمالية بمحكمة بورسعيد الابتدائية. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق الطعن بالنقض الماثل، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذْ عُرِض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث أقيم الطعن على أربعة أسباب ينعي بهم الطاعنان على الحُكم المطعون فيه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال؛ إذْ قضى بإلغاء حكم محكمة أول درجة وبعدم اختصاصها نوعيًّا بنظر الدعوى تأسيسًا على اختصاص المحكمة العمالية بنظر المنازعات الفردية الناشئة عن أحكام قانون العمل إعمالًا لنص المادتين 70، 71 من القانون 180 لسنة 2008 بعد أن أسبغ التكييف القانوني على الواقعة بأنها مطالبة بالتعويض عن إخلال الشركة المطعون ضدها الرابعة بالعلاقة العقدية (عقد العمل) القائمة بينها وبين مورثهما، في حين أن أوراق الدعوى ومستنداتها قد جاءت خلوًّا من ادعائهما بأن مورثهما من العاملين لدى الشركة المطعون ضدها الرابعة أو وجود علاقة تعاقدية بينهما كوْنه كان يبلغ من العمر أربعة عشر عامًا حال وفاته صعقًا بالكهرباء لاتصال جسده بأحد الأسلاك الكهربائية المكشوفة التي تحوي تيارًا كهربائيًّا، كما لم يدَّع أي من أطرف النزاع ذلك ولم تؤسِّس الشركة المطعون ضدها دفاعها على هذا الأساس؛ بما يكون الحُكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على وقائع وهمية ليس لها أصل بالأوراق مناقضًا بذلك التكييف القانوني الصحيح لمحكمة أول درجة لوقائع الدعوى بانعقاد مسئولية الشركة المطعون ضدها الرابعة الشيئية طبقًا لنص المادة 178 من القانون المدني لالتزامها بصيانة أعمدة الكهرباء أداة الحادث ووقوعها في حراستها؛ بما يعيبه ويستوجب نقضه.

هذا النعي سديد؛ ذلك أن من المقرر– في قضاء هذه المحكمة – أن الحُكم يجب أن يكون فيه بذاته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد تبينت طلبات الخصوم في الدعوى وفحصت الأدلة التي قُدمت إليها وحصَّلت منها ما تؤدي إليه، وأن تبين في أسبابها الحقيقة التي تَثبَّتت منها وأسست قضاءها عليها، وأن أسباب الحُكم تُعد مشوبةً بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناءً على تلك العناصر التي ثبتت لديها، وأن على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وأن تسبغ عليها التكييف القانوني الصحيح دون أن تتقيد بتكييف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى ... وإن تحديد طبيعة المسئولية التي يتولد عنها حق المضرور في طلب التعويض يعتبر مطروحًا على محكمة الموضوع يتعين عليها في كل حال أن تَتَقصّى من تلقاء نفسها الحُكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض مهما كانت طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في تأييد طلبه أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك؛ إذْ إن هذا الاستناد يعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض التي يتعين على محكمة الموضوع أن تأخذ منها ما يتفق وطبيعة النزاع المطروح عليها، وأن سبب الدعوى هو الواقعة التي يَستمد منها المدعي الحق في طلبه، وهو لا يتغير بتغيُّر الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم في دفاعهم، ولا تملك محكمة الموضوع تغيير السبب الذي أُقِيمت عليه الدعوى من تلقاء نفسها، ويجب عليها الالتزام به وعدم الخروج عليه، كما أن محكمة الموضوع لا تتقيد في تحديد طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في طلب التعويض أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك؛ إذْ أن هذا الاستناد يعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض لا تلتزم به المحكمة بل يتعين عليها من تلقاء نفسها أن تحدد الأساس القانوني الصحيح للمسئولية وأن تتقصى الحُكم القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها، ولا يُعد ذلك منها تغييرًا لسبب الدعوى أو موضوعها، وأن مسئولية حارس الشيء تقوم على أساس خطأ مفترض في جانبه وهي تتطلَّب أساسًا أن يقع الضرر بفعل الشيء ذاته أي بتدخله تدخُّلًا إيجابيًّا بحيث يكون الفعل المسبِّب للضرر متصلًا بداخله وتكوينه، ويجب استبعاد هذه المسئولية الشيئية متى قامت علاقة تعاقدية بين الحارس والمضرور. لمّا كان ذلك، وكان البيّن من الأوراق أن الطاعنين قد أقاما دعواهما – في نطاق تكييفها القانوني الصحيح التزامًا بسبب الدعوى الذي يستمدان منه حقهما فيها – بطلب الحُكم بإلزام المطعون ضدهم بأداء مبلغ التعويض الجابر للأضرار المادية والأدبية والموروثة التي لحقت بهما من جراء وفاة مورثهما (نجلهما) الطفل/ ………. صعقًا بالكهرباء خلال ملامسته لأحد الأسلاك المكشوفة المتصلة بعامود إنارة يحوي تيارًا كهربائيًّا تأسيسًا على إخلالهم بمسئوليتهم عن حراسة أعمدة الكهرباء – أداة الحادث – والتزامهم بصيانتها إعمالًا لنص المادة 178 من القانون المدني، ومن ثم فإن المطالبة بهذا التعويض تكون على أساس إخلال المطعون ضدهم بمسئوليتهم الشيئية لثبوت الحراسة لهم على نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية والمنشآت التابعة لهم، كلٌ في حدود اختصاصه الوظيفي والمكاني، بما يَحِق لهما كمضرورين أن يقيما دعواهما لاستيفاء حقهما عليهم، وهو ما ينعقد معه الاختصاص للمحكمة المدنية، وإذْ خالف الحُكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الدعوى بأنها تعويض على أساس إخلال الشركة المطعون ضدها الرابعة بالتزاماتها التعاقدية المنصوص عليها بعقد العمل المبرم بينها وبين مورث الطاعنين، الأمر الذي ينعقد معه الاختصاص للمحكمة العمالية بنظرها كوْن النزاع ناشيء عن تطبيق أحكام قانون العمل رقم 180 لسنة 2008، فإنه يكون قد غَيَّر أساس الدعوى وأخطأ في تكييفها وخرج على وقائعها بواقع جديد من عنده ليس له أصل بالأوراق لخلوها من ادعاء قيام علاقة عمل بين طرفي التداعي، كما لم تؤسِّس الشركة المطعون ضدها دفاعها على هذا الأساس؛ مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية استئناف بورسعيد" وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.