الطعن رقم ۱۲۸۱۸ لسنة ۹۲ ق باسم الشـعب

محكمـة النقـض

الدائرة المدنية

دائرة الخميس (د) المدنية

===

برئاسـة السيــد القاضــي/ محمــد عبد الراضــي عيــاد الشيمـي "نـائــــــــــــب رئيـــــــــس المـــــحكمــــــــــــــــة"

وعضوية السادة القضـاة/ ناصــــــــــر الســعيـــــــــد مـــشـــــالــــــــي، عمر الفاروق عبـد المـنعــــم منـصــور  

د/ أحمــــــــــد نبيــــــــــــــــل طبوشــــــــــــة ومــــحــــــــمد أحـــــمـــــــــد أبـــــوالعــــــــــــــــلا

"نـــــــــــواب رئــيــــــــــس المــحكــمــــــــــــــــة"

وحضور رئيس النيابة، السيد/ مؤمن إبراهيم الضبع.

وأمين السر السيد/ إبراهيم محمد عبد المجيد.

في الجلسة العلنية المُنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمُحافظة القاهرة.

في يوم الخميس 18 من شوال سنة 1446ه المُوافق 17 من أبريل سنة 2025م.  

  أصدرت الحُكم الآتي:

في الطعنَيْن المُقيَّدَيْن في جدول المحكمة برقمي 12818، 14065 لسنة 92 ق.

المرفوع أولهُما مـــن

…………
المُقيم في/ …….

حضر عنه بالجلسة، الأُستاذ …………." المُحامي.

ضــــــد

……….
المُقيم في/ ……………

لم يحضر عنه أحد بالجلسة.

والمرفوع ثانيهما مـــن

…………

المُقيم/ ………….، وآخر ………….………………

حضر عنه بالجلسة الأُستاذ "……….." المُحامي.

 

ضــــــد

……….
المُقيم في/ ………..

حضر عنه بالجلسة، الأُستاذ "…………….  المُحامي.

"أولًا: وقائــع الطعن رقم 12818 لسنة 92 ق"

 
في يـوم 26/5/2022م طُعِـن بطـــريق النقـض فـي حُكـم محكمـة استئناف المنصورة "مأمورية الزقازيق" الصـادر بتـاريخ 5/4/2022م فـي الاستئنافات أرقام 1422، 1602، 3016 لسنة 60 ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحُكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحُكم المطعون فيه والتصدي.

وقد أُعلِن المطعون ضده بصحيفة الطعن.

وأودعت النيابة مُذكرة، أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحُكم المطعون فيه.

وبجلسة 5/12/2024م عُرض الطعن على المحكمة - في غُرفة مشورة - فرأت أنَّه جدير بالنظر فحدَّدت لنظره جلسة للمُرافعة

وبجلسة 20/2/2025م سُمِعَ الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مُبَيَّن بمحاضر جلستها، وقد صمَّم محامي الطاعن والنيابة كلٌ على ما جاء بمُذكرته، والمحكمة قررت ضم الطعن رقم 14065 لسنة 92 ق للارتباط وأرجأت إصدار الحُكم فيهما إلى جلسة اليوم.

"ثانيًا: وقائــع الطعن رقم 14065 لسنة 92 ق"

 
في يـوم 2/6/2022م طُعِـن بطـــريق النقـض فـي حُكـم محكمـة استئناف المنصورة "مأمورية الزقازيق" الصـادر بتـاريخ 5/4/2022م فـي الاستئنافات أرقام 1422، 1602، 3016 لسنة 60 ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحُكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحُكم المطعون فيه والتصدي.

وفي 27/8/2022م أُعلِن المطعون ضده بصحيفة الطعن.

وفي 8/9/2022م أودع المطعون ضده مُذكرة بدفاعه طلب في ختامها رفض الطعن.

وأودعت النيابة مُذكرة، أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع برفضه.

وبجلسة 5/12/2024م عُرض الطعن على المحكمة - في غُرفة مشورة - فرأت أنَّه جدير بالنظر فحدَّدت لنظره جلسة للمُرافعة.

وبجلسة 20/2/2025م سُمِعَ الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مُبَيَّن بمحضر جلستها، وقد صمَّم محامي الطاعن ومُحامي المطعون ضده والنيابة كلٌ على ما جاء بمُذكرته، والمحكمة قررت ضم الطعن إلى الطعن رقم 12818 لسنة 92 ق للارتباط.

الـــــمــــحـكمــة

بعد الاطِّلاع على الأوراق، وسماع التقريـر الـذي تـلاه السيد القاضي المُقـرِر/ ……… "نائب رئيس المحكمة"، والمُرافعة، وبعد المُداولــة:

حيث تخلص واقعات الأوراق حسبما يبين من مُجملها وما سطر بالحُكم المطعون فيه، في أن الطاعن في الطعن الرقيم 14065 لسنة 92 ق – المطعون ضده في الطعن رقم 12818 لسنة 92 ق – خاصم المطعون ضده في الطعن ذاته – الطاعن في الطعن المُشار لرقمه أخيرًا – طالبًا إزالة التعديات التي أقامها على مِلكه وبأنْ يؤدي إليه تعويضًا مِقداره مائة ألف جُنيه، مُستندًا في ذَلِك إلى أنَّهُما يمتلكان مُناصفةً قطعة الأرض المُبيَّنة بالأوراق والتي تقاسماها رِضائيًا وشَرَع كلاهُما في إقامة بناء على حصته فيها، ولعمله خارج البلاد أوكل المطعون ضده بسند وكالة رسمي لإنهاء إجراءات الترخيص، وبناء ما يخص الطاعن، إلَّا أنَّه تعدى على مِلكه ببناء مُخالف. وعليه أقام الدعوى الرقيمة 160 لسنة 2013 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية – مأمورية بلبيس – التي بعد أنْ ندبت خبيرًا فيها واستوفى مُهمته بإيداع تقريره، حكمت بالإزالة وتعويض مِقداره خمسون ألف جُنيه، بحُكم استأنَفه الطاعن باستئناف أصلي رقيم 1422 لسنة 60 ق أمام محكمة استئناف المنصورة – مأمورية الزقازيق – طالبًا زيادة التعويض المحكوم به، كما استأنَفه المطعون ضده باستئناف مُقابل رقيم 1602 لسنة 60 ق واستئناف آخر فرعي برقم 3016 لسنة 60 ق أمام ذات المحكمة التي قضت بتاريخ 10/12/2019 برفض الاستئناف الأصلي، وباعتبار الاستئناف المُقابل كأن لم يكن، وبعدم جواز الاستئناف الفرعي. طعن الطاعن في هذا الحُكم بطريق النقض بالطعن رقم 3034 لسنة 90 ق بطلب زيادة التعويض المقضي به، كما طعن فيه المطعون ضده بالطعن بالنقض رقم 3308 لسنة 90 ق. ومحكمة النقض بتاريخ 21/3/2021 أصدرت قرارًا في غُرفة مشورة بعدم قبول الطعن الأول، ثم عادت بتاريخ 22/3/2021 وبدائرة أُخرى قضت في الطعن الثاني بنقض الحُكم المطعون فيه في الاستئنافين الأصلي والمُقابل، وأحالت القضية بالنسبة لهما إلى محكمة استئناف المنصورة – مأمورية الزقازيق – عجَّل كل طرف اسئنافه أمام تلك المحكمة المذكورة أخيرًا، والتي عادت بتاريخ 5/4/2022 وقضت بعدم جواز الاستئناف الفرعي رقم 3016 لسنة 60 ق. وفي الاستئنافَيْن الأصلي والمُقابل رقمي 1422، 1602 لسنة 60 ق برفضهما، وتأييد الحُكم المُستأنَف. طعن الطاعن في هذا الحُكم بطريق النقض بالطعن رقم 14065 لسنة 92 ق طالبًا زيادة التعويض المحكوم به لصالحه، كما طعن المطعون ضده في ذات الحُكم بطريق النقض بالطعن برقم 12818 لسنة 92 ق. وقدمت النيابة مُذكرة في كل طعن أبدت الرأي في الطعن الأول بقبوله شكلًا، ورفضه موضوعًا، وفي الطعن الثاني بنقض الحُكم المطعون فيه. عُرِض الطعنان على هذه المحكمة - في غُرفة مشورة – رأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها قرَّرَت ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حُكم واحد. والتزمت النيابة رأيها في كل طعن.

أولًا: الطعن 14065 لسنة 92 ق :-

لمَّا كان المُستقر فِقهًا وقضاءً أنَّه لا قضاء في غير خُصومة، ولا خصومة بغير ادعاء، وأنَّ القاضي لا يُنشئُ الخُصومة، بل يتداعى إليه الخُصوم طلبًا للترضية القضائية، وأنَّ ما يصدر في غير خصومة لا يُعَد حُكمًا بل عملًا ماديًا مُنعدمًا واردًا على غير محل وما يليه من إجراءات وأعمال تلحق به فلا تحوز حُجِّيَّة يلتزم بها القاضي أو الخُصوم فلا يكسب أحدهم بمُقتضاها حقًّا ولا ترتب في ذِمَّة الآخر التزامًا، ولكل ذي مصلحة التمسُّك بانعدام ذلك القضاء وللقاضي أنْ يقضي به من تِلقاء ذاته لتعلق الأمر بأصول وأسُس النظام القضائي التي تعلو على اعتبارات النظام العام. وإذ كان من المُسَلَّم به أنَّ محكمة النقض هي نهاية المَطاف في إجراءات التقاضي وما يصدر عنها من أحكام وقررات تحوز حُجِّيَّة الشيء المحكوم به، فلا يُناهضها قضاء آخر أيًا كانت المحكمة التي تصدره، ولو كانت محكمة النقض ذاتها ما دام سبق لها الفصل في ذات الموضوع أو المسألة القانونية بقضاءٍ سابق.

هذا وقد أجاز فقهاء الشريعة الإسلامية للقاضي أنْ يعدِل عن قضاء سابق له ثبت لديه بيقين خطؤه فيه. ومن ثم فإنَّه يتعيَّن بل يتوجب عليه ألَّا يلتزم بقضاء صدر في غير خصومة ولو لم يُدفَع بذَلِك أمامه، درءًا للمفسدة المُقدَّم على جَلْب المصلحة، صونًا لحقوق المُتخاصمين واستقرار مراكزهم القانونية، ومنعًا لتضارُب الأحكام أو تأبيد المُنازعات وهي غاية النظام القضائي المصري وهدفه الأسمى لتحقيق السِلم الاجتماعي.

 وبناءً وترتيبًا على ما سبق، وكان ما ثبت بالأوراق ولا مِراء فيه أنَّ محكمة النقض بتاريخ 21/3/2021 حال نظرها الطعن 3034 لسنة 90 ق المُقام من الطاعن الحالي بطلب زيادة التعويض المحكوم به لصالحه في استئنافه الأصلي رقم 1422 لسنة 60 ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - المقضي برفضه بتاريخ 10/12/2019، قد أصدرت قرارًا في غُرفة المشورة بعدم قبول ذَلِك الطعن، وهو بمثابة حُكم حائز لحُجِّيَّة الشيء المحكوم به بشأن المسألة التي كانت معروضة آنذاك على محكمة النقض وهي عدم وجود وجه لزيادة التعويض المقضي به لصالح الطاعن التزامًا بالنطاق الموضوعي للطعن، فلا تملك المحكمة أنْ تبحث مسئولية المطعون ضده عن أعمال البناء المخالفة إثباتًا أو نفيًا لخروج تِلك المسألة عن نِطاق الطعن آنذاك، إلَّا أنَّ محكمة النقض عادت وحال نظرها للطعن رقم 3308 لسنة 90 ق المُقام من المطعون ضده الحالي طعنًا على الحُكم الصادر بتاريخ 10/12/2019 من محكمة استئناف المنصورة - مأمورية الزقازيق - باعتبار استئنافه المُقابِل رقم 1602 لسنة 60 ق كأن لم يكن. أصدرت حُكمًا بنقض الحُكم المطعون فيه الصادر في الاستئنافَيْن الأصلي والمُقابل مار الإشارة لرقميهما، وذلك دون أن تفطن إلى سَبْق صدور قرار في غُرفة المشورة من محكمة النقض - بهيئة مُغايرة - بعدم قبول الطعن رقم 3034 لسنة 90 ق المُقام من الطاعن الحالي طعنًا على الحُكم الصادر في ذات استئنافه الأصلي. هذا ولما كانت الهيئة العامة للمواد المدنية وغيرها لمحكمة النقض قد انتهت بجلستها المعقودة بتاريخ 12/5/2024 إلى أنَّ "القضاء بعدم جواز الطعن المرفوع استنادًا إلى أسباب لم يسبق للمحكمة تناولها، أو الإدلاء برأيها في الطعن الأول، لا يكون مُبررًا ما دام لا يمس حُجِّيَّة الحُكم أو القرار الصادر بالرفض أو بعدم القبول ولو كان الطاعن في الطعن الثاني مُمثلًا في خُصومة الطعن الأول... فلا يسوغ إزالة أثر هذا الطعن بصدور حُكم أو قرار من محكمة النقض بعدم قبول أو رفض طعن سابق مُقام من خِصم آخر طالما لم يتناول الأسباب التي عليها أُقيم الطعن الآخر ودون أن تقول المحكمة كلمتها فيها. ذَلِك أنَّ سَبْق فصل محكمة النقض في أحد الطعون لا يصح أنْ يكون مِعيارًا يؤدي إلى تعطيل أو إلغاء الفصل في طعن أو طعون أُخرى مُقامة على ذات الحُكم بأسباب مُغايرة. ومن ثم فإنَّ ما يقيد الدائرة المعروضة عليها الطعن الآخر هو احترام الأسباب التي بُني عليها الحُكم أو القرار الصادر من المحكمة في الطعن الأول وعدم إعادة تناولها عند تصديها للطعن الثاني وفصلها فيه، وهو بذَلِك ينفي عنها شُبهة التسلط على ذَلِك الحُكم أو القرار أو عدم احترام حُجِّيَّته". هذا ولمَّا كان المُستقر قضاءً أنَّ "احترام حُجِّيَّة الأحكام تعلو على ما عداها من اعتبارات النظام العام، إذ إنَّ المُشَرِّع المصري اعتبر تناقُض الأحكام هو الخطر الأكبر الذي يَعصِف بالعدالة، ويفقد الثقة العامة في القضاء، فمتى حاز الحُكم حُجِّيَّة الشيء المحكوم به، فإنه يُمتنع على الخُصوم كما على القاضي العودة إلى المُناقشة في المسألة التي فصل فيها الحُكم في دعوى تالية يُثار فيها النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أُثيرَت ولم يبحثها الحُكم الصادر فيها، متى كانت المسألة المقضي فيها نهائيًا في الدعويَيْن واحدة لم تتغيَّر. وأنَّ تِلك الحُجِّيَّة تلحق بمنطوق الحُكم وما ارتبط به من أسباب ارتباطًا وثيقًا". والتزامًا بما سَبَق واتساقًا معه فإنَّه لا حُجِّيَّة لحُكم صدر على خِلاف حُكم آخر حائزًا لقوة الأمر المقضي بين ذات الخُصوم وفي ذات المسألة التي فصل فيها ذلك الحُكم الأخير، إذ إنَّ الحُكم التالي يُعتبر قد صدر في غير خُصومة قائمة، فلا يلتزم به القاضي ولا الخُصوم - أيًا كانت المحكمة التي أصدرته - احترامًا لحُجِّيَّة الحُكم الأول ومنعًا لتضارُب الأحكام، وتحقيقًا لاستقرار المراكز القانونية للخُصوم وعدم تأبيد المُنازعات.

لمَّا كان ذَلِك، وكان الثابت بالأوراق أنَّ محكمة النقض حال نظرها الطعن الرقيم 3034 لسنة 90 ق بتاريخ 21/3/2021 المُقام من الطاعن الحالي بطلب زيادة التعويض المقضي به لصالحه في استئنافه الأصلي رقم 1422 لسنة 60 ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - بتاريخ 10/12/2019 أصدرت قرارًا في غُرفة المشورة بعدم قبوله، ثم عادت وبتاريخ 22/3/2021 - بدائرة أُخرى – عند فصلها في الطعن الرقيم 3308 لسنة 90 ق المُقام من المطعون ضده الحالي بشأن استئنافَيْه المُقابل والفرعي رقمي 1602، 3016 لسنة 60 ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - بتاريخ 10/12/2019 قضت بنقض الحُكم المطعون فيه وأوردت بأسباب حُكمها أنَّ "نقض الحُكم في الاستئناف المُقابل الصادر باعتباره كأن لم يكن يستتبع نقض الحُكم في الاستئناف الأصلي رقم 1422 لسنة 60 ق المُقام من المطعون ضده - الطاعن الحالي - إذ يترتب على قضاء الحُكم المطعون في الاستئناف المقابل قيام مسئولية الطاعن، وهو أساس ما قضى به الاستئناف الأصلي الصادر بالإزالة والتعويض؛ لِذَلِك يتعيَّن نقض الحُكم المطعون فيه في الاستئنافَيْن الأصلي والمُقابل". وذلك دون أنْ تفطِن إلى سَبْق صدور قرار حائزٍ لقوة الشيء المحكوم فيه من محكمة النقض - بهيئة مُغايرة - بعدم قبول الطعن المُقام من الطاعن الحالي عن استئنافه الأصلي مار الإشارة إليه. وعليه فإنَّ نقض محكمة النقض للحُكم الصادر في الاستئناف الأصلي للطاعن بعد صدور قرار بعدم قبول الطعن المُقام منه عن ذات الاستئناف، يكون مُخالفًا لحُجِّيَّة ذَلِك القرار الذي حسم تِلك المسألة بين طرفي النزاع، فلا يجوز العودة إلى مُناقشتها مرة أخرى بمعرفة المتنازعين أو من جانب محكمة النقض ذلك ولو لم يَنمُ إلى عِلمها سَبْق صدور ذَلِك القرار؛ ومن ثم فإنَّ حُكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 22/3/2021 في الطعن رقم 3308 لسنة 90 ق بنقض الحُكم الصادر في الاستئناف الأصلي رقم 1422 لسنة 60 ق المنصورة – مأمورية الزقازيق – بتاريخ 10/12/2019 قد صدر في غير خُصومة قائمة واردًا على غير محل، ومن ثم فإنَّه يكون مُنعدمًا لا يحوز حُجِّيَّة تلزم القاضي أو تكسب أحد طرفي النزاع حقًّا أو ترتب على عاتق الآخر مسئولية. ولا يغير من ذَلِك ما ذهبت إليه محكمة النقض بحيثيات حُكمها في الطعن رقم 3308 لسنة 90 ق من أنَّ "نقض الحُكم في الاستئناف المُقابل باعتباره كأن لم يكن يستتبع نقض الحُكم في الاستئناف الأصلي رقم 1422 لسنة 60 ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - المُقام من المطعون ضده – الطاعن الحالي - إذ يترتب على قضاء الحُكم المطعون فيه في الاستئناف المُقابل قيام مسئولية الطاعن - المطعون ضده الحالي - وهو أساس ما قضى به في الاستئناف الأصلي بالإزالة والتعويض" إذ إنَّ تِلك الأسباب تزيُّدٌ خارجٌ عن النِطاق الموضوعي للطعن المعروض آنذاك على محكمة النقض، وهو طعن المطعون ضده الحالي على قضاء محكمة استئناف المنصورة في استئنافَيْه المُقابل والفرعي مار الإشارة إليهما، وهو ما كان يتعيَّن معه على محكمة النقض أنْ تلتزم بنِطاق ذَلِك الطعن حال نظره وتقتصر على بحث سلامة حُكم محكمة استئناف المنصورة في استئنافي المطعون ضده الحالي المُقابل والفرعي، ودون أنْ تتطرَّق إلى الفصل في الاستئناف الأصلي رقم 1422 لسنة 60 ق للطاعن الحالي، والذي لم يكن معروضًا عليها بأي حال من الأحوال ولا يمنعها ذَلِك من أنْ تحكُم بنقض حُكم محكمة استئناف المنصورة في الاستئناف المُقابل للمطعون ضده الحالي، دون حاجة إلى أنْ تورد بأسباب حُكمها في الطعن رقم 3308 لسنة 90 ق أنَّ "نقض الحُكم في الاستئناف المُقابل الصادر باعتباره كأن لم يَكُن يستتبع نقض الحُكم في الاستئناف الأصلي رقم 1422 لسنة 60 ق ...." وذَلِك لخروج تِلك المسألة عن نِطاق الطعن المعروض عليها، ولاختلاف المركز القانوني لطرفي النزاع بما لا يمنع من نظر طعن كل منهما على حدة.

وحيث إنَّه لمَّا كان ذَلِك، وكان قضاء محكمة النقض في الطعن رقم 3308 لسنة 90 ق الصادر بنقض الحُكم في الاستئناف الأصلي رقم 1422 لسنة 60 ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - بتاريخ 10/12/2019 قد صدر في غير خُصومة مُنعدمًا، فإنَّ ما ترتب عليه من إجراءات وأعمال تلحق به تعَد كذلك مُنعدمة لا حُجِّيَّة لها. ومن ثم فإنَّ تعجيل  الطاعن - بعد حكم النقض رقم 3308 لسنة 90 ق - استئنافه الأصلي الرقيم 1422 لسنة 60 ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - والحُكم الصادر من تِلك المحكمة الأخيرة في ذَلِك الاستئناف بتاريخ 5/4/2022 يكونان قد صدرا في غير خُصومة منعدمين فلا حُجِّيَّة ولا إلزام لهما سواء أمام القضاء أو بين طرفي التداعي. لمَّا كان ما تقدَّم ذِكره جميعًا، وكان قبول الطعن شكلًا من عدمه هو مسألة معروضة دائمًا على محكمة النقض، يتعيَّن عليها أنْ تفصل فيها قبل أنْ تَلِج إلى نظر موضوع الطعن، أُثيرَت من جانب النيابة والخُصوم أم لا، باعتبارها مسألة أولية تتعلق بصحة الطعن في الأحكام من عدمه. لمّا كان ذَلِك، وكان الحُكم المطعون فيه قد صدر في غير خُصومة قائمة بين طرفي النزاع، وهو مُنعدم لا يحوز حُجِّيَّة ولا يلزم القاضي بشيء أو طرفي التداعي؛ ومن ثم فهو عملًا ماديًا لا يجوز الطعن فيه بأي حال من الأحوال ولو اتخذ شكل الحُكم. ومن ثم فإنَّ الطعن بالنقض الحالي يكون غير مقبول شكلًا.

ثانيًا: الطعن رقم 12818 لسنة 92 ق:

حيث إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إنَّ ممَّا ينعاه الطاعن على الحُكم المطعون فيه التناقض، وفي بيان ذَلِك يقول: إنَّ الحُكم أورد بمدوناته أنَّه لا يتعرض للشِق الخاص بإزالة التعديات، إلَّا أنَّه عاد وقضى برفض استئنافه الرقيم 1602 لسنة 60 ق فيكون بذَلِك قد أيَّد قضاء الحُكم الابتدائي بإزالة تِلك التعديات بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إنَّ هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أنَّ المُستقر قضاءً أنَّه لئن كان يتحتم على المحكمة التي أُحيلَت إليها القضية أنْ تتبع حُكم النقض في المسألة القانونية التي فصل فيها. إلَّا أنَّه لمَّا كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال، أن تكون قد طُرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسبت قوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتَّت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحُجِّيَّة، أمَّا ما عدا ذَلِك فتعود الخُصومة ويعود الخُصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحُكم المنقوض، ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبني حُكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تُحصِّله حرة من جميع عناصرها.

لمَّا كان ذَلِك، وكان الثابت بالأوراق أنَّ حُكم محكمة النقض في الطعن رقم 3308 لسنة 90 ق بنقض الحُكم الصادر من محكمة استئناف المنصورة – مأمورية الزقازيق – بتاريخ 10/12/2019 باعتبار استئناف الطاعن كأن لم يكن، وإحالة القضية إلى تِلك المحكمة الأخيرة للفصل فيها من جديد، لا يعدو أنْ يكون تعييبًا للحُكم المنقوض بِشأن خطئه في اعتبار استئناف الطاعن كأن لم يكن لعدم إعلان صحيفته للمطعون ضده خلال ستين يومًا بعد شطبه من قَبْل إعمالًا لنص المادة (82) من قانون المُرافعات. بما لا يكون معه الحُكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بشأن استئناف الطاعن. وبما مُقتضاه أنْ يُعاد طرح النزاع بكافة جوانبه ودفاع ودفوع الطاعن على محكمة الإحالة لتعيد نظر الموضوع برُمَّته على ضوء قضاء الحُكم الابتدائي بالإزالة للأعمال المُخالفة والتعويض المقضي به على الطاعن وما يُبديه بأسباب استئنافه وما يُطرَح من أوجه دفاع على محكمة الاستئناف غير مُقيَّدة بقضاء سابق حائز لقوة الأمر المقضي. وإذ خالف الحُكم المطعون فيه هذا النظر. وأورد بأسبابه المُرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمنطوقه أنَّ "المحكمة لا تتعرض للشِق الخاص بإزالة التعديات على مِلك المُستأنَف ضده – المطعون ضده –" فإنّه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. على أنْ يكون مع النقض الإحالة. 

لذَلِـــــــــــــــــك

حكمت المحكمة:

 أولًا: الطعن رقم 14065 لسنة 92 ق:-

عدم قبول الطعن شكلًا، وألزَمَت الطاعن فيه المصاريف، ومبلغ مائتي جُنيه مُقابل أتعاب المُحاماة، مع مُصادرة الكفالة.

ثانيًا: الطعن رقم 12818 لسنة 92 ق:-

نقضت المحكمة الحُكم المطعون فيه جُزئيًا فيما قضى به في الاستئناف رقم 1602 لسنة 60 ق المنصورة – مأمورية الزقازيق –، وألزمت المطعون ضده المصاريف، ومبلغ مائتي جُنيه مُقابل أتعاب المُحاماة، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف المنصورة – مأمورية الزقازيق - للفصل من جديد فيما نُقِض فيه جُزئيًا.